الثلاثاء، 28 يونيو 2016


غَسَقُ الدرويش
    
                   
لو تَعلمينَ
وعندَ كُلِّ مَساءِ
أبكي فتنتحبُ العصورُ ورائي



وَلِأنَّكِ الدُّنيا
وقَفْتِ إزائي، ونَثَرْتِ
 فَوقي سُورةَ الحِنّاءِ

فتَوَسَّدتْ غيمَ المَنافي أَحرُفي ،
وتأبّدتْ شَجَراً
من الأضواءِ

وامْتَدَّ خَيطٌ
 كان يَسرقُ إبرةً
من لهفتي السَّكرى
مع الإصغاءِ

لِيَخيطَ أفواهَ الشتاءِ
بِخَيْمَتِي لكنَّها جاءَتْ
بألفِ شتاءِ

كانت عصافيرُ التَّشَتُّتِ
ترتدي قمصانَ ومضٍ
 في جحيمِ فنائي

فاستغفرتْ عِشْقاً يُريدُ
 ضَلالةً حَجَّتْ
مَراكبُهُ فِجاجَ الباءِ

والحاءُ رملٌ
يستحيلُ علامةً تطوي الكثيرَ
برجفةِ الميناءِ

لو كانَ بيتُ الشعرِ مثلَ تَبَعثُري
وتَمَزُّقي
 لانداحَ في الأسماءِ

لكنَّهُ فردٌ
توزَّعَ خيفةً من نفسهِ
فسَمَا إلى الإغواءِ

وغوايةٌ مثلُ التي مارستُها
تسمو عن الأشياءِ
                  في الأشياءِ
***   ***   ***
تزدادُ في حلَكِ التصورِ
عندَما  تُغرينَها
 برهافةٍ وَسَناءِ

ماذا يريدُ الشعرُ إلاّ أن يرى
قمراً كوجهِكِ باذِخَ الإدلاءِ

الشِّعْرُ أرضي
 تَستدرُّ مَشيئَتي
إني أنا أسطورةُ الشعراءِ

مِنْ عالمي وُلِدوا ومِنْ وَمْضِي
استطالوا وارتَقَوا
فجميعُهُمْ أبنائي

ومدينةُ الشعرِ البهيةُ
أضلُعي
وحدودُها بعباءتي
                 وردائي

والشعرُ عندي
كاندلاعِ  ربابَةٍ   باللحنِ
يُشْعِلُها فَتيلُ
         غِناءِ

والحرفُ درويشٌ يَحُلُّ
بِدَهشَةِ الألوانِ
مُنْعَقِداً بألفِ لواءِ

 يَمتارُ تاريخَ العَذابِ
لِيَنْبَني هَرَماً وَهَندَسَةً
بِلا أخطاءِ

فَيَجيئُني امْرو القيسِ
بينَ عُيونِهِ:
شَتَّتَّ يا ابْراهيمُ عن
أنحائي !!

-      ما كانَ هَمِّي بالفحولةِ ،
إنَّني فَحلٌ ،
 وأوجاعُ البلادِ
نسائي!!
***    ***    ***
إنْ أخصبَتْ عِشتارُ مِنِّي
مَرَّةً ، وَقَفَتْ على
الخمسينَ من إخصائي

في خِصْرِ داحسَ
واقِفٌ رَحْلي برَغْمِ نُبُوَّتي !!
يَستافُ مِنْ غَبْرائي..

الرومُ مازالتْ بصدريَ
صخرةً عُظمى ونيرانُ المجوسِ
ورائي

هُبِّي أَلا هُبِّي فَرُبَّ
فَطيمِنا، غَدُهُ الذي يأتي
بِلا إغْضاءِ

وَمُغامِراً يَبْنِي عِمارةَ ظِلِّهِ
كالطائرِ المَحْكيِّ
 كالعنقاءِ

إنْ لاذَ آبائي بأجدادي
وكانتْ غَلْطةً
سَألوذُ بالأبناءِ

حانَتْ عناقيدي وَريشُ
تَوَتُّري في مِحْنَتي،
فمَضَيتُ في
            إسرائي

وإليكِ أسرجتُ الطُّقوسَ
وحَمْحَمَتْ خيلي
فجاوَزَها أنينُ
بُكائي

فَعَلى مَسافاتِ الطريقِ
قوافِلُ الشُّهَداءِ ،
والغُرَباءِ ،
والعُمَلاءِ

وَيَدايَ مِنْ خشَبٍ ،
 وصَوتيَ مُتْعَبٌ !!
ما أبْقَتِ الأَعْرابُ من خَضرائي
***   ***   ***
لكنَّكِ الدنيا وَقَفْتِ إزائي
وظَفَرْتِ بي ،
وظفَرْتُ بالصهباءِ

أبوابُ نزفيَ مُشرَعاتٌ
والرياحُ مُثَرْثِراتٌ
ضِعْنَ في أرجائي

وعلى مَفازاتِ العذابِ
وجدْتُ وَجْهاً مُترَعاً
بِحَنينِهِ الوَضّاءِ

يَسعى إلى المرآةِ وهيَ تقولُهُ
فَتَهَشَّمَتْ وسَعى
إلى الأنحاءِ

لا بيتَ يَأْويهِ  فصارَ
مُجَزَّأً في أمَّةٍ
تَعِبَتْ من الأجزاءِ

يَجري بهِ العشقُ القديمُ
فيرتوي بحروفِهِ
إذ ترتوي بِحَداءِ

فَتَصُدُّ كَفُّ الريحِ صَدرَ
جنونِهِ من فرطِ
ما عانى من الإقصاءِ

يحتاجُ كي يَبني عِمارةَ ظِلِّهِ
صُبحاً يَشِعُّ
بِأَلْسُنِ البُلَغاءِ

وحبيبةً كقصيدةٍ ،
 وبيوتُها فُتِحتْ لَهُ ، عَن بيتِهِ
المُتَنائي

وجهي بِرَكبِ العائدينَ
وإنَّني أعدو إليهِ
بدونِ أيِّ رجاءِ

وقريشُ تعرفُ ما تريدُ
قلوبُها وَرِمَتْ
من الشَّحناءِ والبَغضاءِ

لكنَّ أهلي التائهينَ
رِماحُهُمْ في بَعضِهِمْ
وتَقاسموا أشلائي

شاهَتْ وجوهُ الزاحفينَ
ضَلالَةً
فدماءُ أهلي كُلُّهُنَّ
دِمائي

قيثارتي تَعِبَتْ وَهُمْ
 لَم يَهتَدوا
ويئِستُ في التصريحِ والإِيماءِ

بايَعْتُهُمْ عندَ الصَّباحِ
وفي المَساءِ
اسْتَبْدَلونيَ بَيْعَةً بِشِراءِ

ولأنّكِ الدُّنيا تراءى البيتُ
في عينيكِ لكنْ لَمْ
يُجِزْ إيوائي

فَكَّرتُ أن أصطادَهُ
مُتَنَكِّراً أو لابِساً
طاقيَّةَ الإخفاءِ

لكنَّ في عينيكِ كانت
شهرزادُ وقِصَّةٌ
سَرَقَتْ يَدِي
بِذكاءِ

قَدَري أسافرُ في ثيابِ
الطينِ بين مَسَلَّتي
ومَواجِعِ الفُقَراءِ

صُمْتُ  الليالي الألْفَ فاستكثَرْتُها
وبِلَيلَةٍ أخرى وجدْتُ
شِفائي

في أن أُحَبَّكِ ما استطعتُ
وَعندَها ،
سيكونُ فَتْحاً في الحياةِ
نِدائي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 د. ابراهيم مصطفى الحمد

2016/1/29


0 تعليقات على " قصيدة غَسَقُ الدرويش "

جميع الحقوق محفوظة ل مدونة الدكتور إبراهيم الحمد