الثلاثاء، 28 يونيو 2016



صفرُ وَدِلاءْ

.................

ألقى فصَوَّحَ خيطُ الرمْلِ في يَدِهِ
وكانَ ألفَ فَمٍ لكنْ بمُفرَدِهِ


مُذْ شَبَّ شَبَّتْ لياليهِ لتشربَهُ
فكلُّ يومٍ لَهُ أمسٌ على غَدِهِ

يَجُرُّ ظِلاً ثقيلاً ليسَ يُدرِكُهُ
كمحنةِ الفِعْلِ إذْ يَشْقى بِمُسْنَدِهِ

يَضِلُّ .. كلُّ حِجارِ الأرضِ تعرفُهُ
وحينَما جاءَها نامَتْ بِمِبرَدِهِ

تَسِفُّ مِنْ روحِهِ جَمراً يؤَيِّدُها
حتى إذا اختمرتْ ذابتْ بمَوقدِهِ

يسعى إلى فَرَحٍ مازال يُنكِرُهُ
فَيُزهرُ الحُزنُ في أفواهِ مَوعِدِهِ

يَخُبُّ عندَ اختمارِ البوحِ مُنتَشِياً
كلولَبِ الريحِ ماضٍ في تمَرُّدِهِ

إلى بيوتٍ سواهُ ليس يُنشدُها
والشعرُ كالخيلِ رَقّالٌ بِمُنشِدِهِ

حتى إذا أُسرِجَتْ أضواءُ مِنبَرِهِ
شَعَّتْ بياضاً سَرى في بئرِ أسودِهِ

يَسعى إلى شاهقِ المعنى تَوَقُّدُهُ
فَيَسْتَحيلُ رَماداً  من تَوَقّدِهِ

ظَمآنَ يَصرُخُ في أفواهِ صخرتِهِ
كراهبٍ يحتسي أيماضَ مَعبَدِهِ

فيرسمُ الليلَ طاووساً وأنجمَهُ
ونجمةً نجمةً ذابتْ  بِمَشهَدِهِ

يمتَدُّ لا يستطيعُ النَّيلَ أيُّ مَدىً
مِنهُ ويجفِلُ حتماً مِنْ تَمَدُّدِهِ

يبني مَواسمَهُ في كَفِّ أُمنيَةٍ
وكَمْ تموتُ أمانٍ في تَنَهُّدِهِ

تَزرَقُّ في فَمِهِ شاماتُ غُربَتِهِ
ويَسألُ النَّفسَ عن معنى تَعَدُّدِهِ

وخَيطُ رَملٍ ، ومن منفى أصابِعِهِ
يقولُهُ  كُلَّما  ..   حتى   تَبَدُّدِهِ

مَضى تَجُرُّ شِراعَ الليلِ غُربَتُهُ
وللسواحلِ   قِيلٌ  في  تَوَحُّدِهِ

لَمّا رأى شِرعةَ الغادينَ تَعصُرُهُ
أَفاءَ والْتَفَتَتْ لكنْ بلا غَدِهِ

وصارَ يسألُ عن معنى (بلا وطنٍ)
والناسُ تسألُ عن معنى تَشَرُّدِهِ


0 تعليقات على " قصيدة صفرُ وَدِلاءْ - د.ابراهيم مصطفى الحمد "

جميع الحقوق محفوظة ل مدونة الدكتور إبراهيم الحمد